يسوع آت الى اورشليم، الشعب من حوله يصرخ مبارك الآتي باسم الرب، هوشعنا لابن داوود ملك السماوات والارض يأتي الى مدينته راكباً على "جحش ابن آتان"، الشعب يلاقيه بأغصان النخيل والزيتون ويفرشون ثيابهم.
الصمت ونطق الحجارة؟!
ثيابهم أمامه ليدخل عليها، والاطفال يهلّلون حوله ويصرخون: مبارك الآتي باسم الرب، هوشعنا لابن داوود، مما ازعج بعض الكهنة والفريسيين، فَطُلب من التلاميذ ومن يسوع أن يُسكتوا هؤلاء الناس الصارخين للملك الاتي باسم داوود. فكان الجواب صاعقا: لو سكت هؤلاء لنطقت الحجارة، وهم يسخرون من هو هذا الملك الذي يأتي الى مدينته راكبا على "جحش ابن آتان" وليس على فرس أصيل؟ من هو هذا الملك القادم بموكب من الاطفال والرجال والنساء البسطاء وليس بالامراء والجنود وكبار القوم؟.
لكن هذا الصعود الى اورشليم كان دوما في محور حياة يسوع لأنّها محجة القلب والوجدان والصلاة، والتقادم والقرابين والطقوس والعبادات، هي المدينة التي بكى عليها يسوع حين قال: "يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء والمرسلين اليها والتي لم تعرف ساعة خلاصها ولا درب نعمتها". وهنا فيها ستجري أيضا ملحمة يسوع الفدائيّة وتتحول فيها صراخات الأمس مبارك الاتي باسم الرب الى "أصلبه أصلبه".
انتروبولوجيا الفرح
واصبح عيد الشعانين عيد فرح الاطفال بثيابهم الجديدة الجميلة وابتساماتهم البريئة وشموعهم المربوط عليها غصن زيتون دلالة للسلام. وصارت المسيحية الديانة الوحيدة في العالم التي فيها عيد للأطفال بينما بعض الشعوب تذبحهم وتقدمهم ضحايا للالهة، أو تدفنهم في الرمال، أو ترميهم في آتون النار على قرع الطبول؛ لئلا يسمع صراخهم وصراخ أهلهم.
غضب يسوع وطرد الصيارفة
وصل يسوع الى اورشليم وصعد الى الهيكل، فهاله أن يرى الصيارفة هناك، الباعة والتجار، جميعهم حوّلوا الهيكل من بيت للصلاة الى سوق للصيرفة، واروقة للبيع والشراء، وباحات للتجارة والمضاربة، فغضب يسوع من هذه الاهانة لهيكل الرب وصنع سوطا، واخذ بقلب مائدة الصيارفة ويطرد الباعة والتجار من الهيكل وهو يصرخ ويقول: بيتي بيت صلاة هو وقد حولتموه الى مكان للتجارة والصيرفة والبيع والشراء اخرجوا من الهيكل ولا تدنّسوه. انتم عبدة المال وسماسرة الربى والربح الحرام.
لبنان هيكل الصرف والغلاء وانهيار الفقراء
يا يسوع، لبنان هو مكرس لك وقد زرته مرارا في حياتك، وصنعت فيه المعجزات والعجائب، وفي عرس قانا حوّلت الماء خمرا وشفيت ابنة المرأة الكنعانيّة، وتجلّيت على جبله حرمون. اليوم لبناننا هذا هو ضحية التجّار والباعة وعبّاد المال والصيارفة، وغلاء الاسعار وفقدان الادوية وحاجات الناس الاساسية وجنون ارتفاع الدولار وقهر الناس وجوعهم، تعال الان يا يسوع واحمل سوطك وكرباجك واطرد الباعة والصيارفة والتجار منه وأَعِده الى ايام الفرح والسعادة.
تعالى يا يسوع ولا تتأخر
كفانا يا يسوع أنّ بيروت تفجّرت وانهدمت بيوتها الجميلة واستشهد بعض أهلها وجرح الكثير منهم. وباء كورونا اجتاحتنا ومات بسببه الكثير من الناس. الدولار يصعد والليرة تنهار والناس جاعت وافتقرت وحجزت أموالهم واتعابهم في المصارف الهجرة على مصراعيها أخذت الكثير الى بلاد الاغتراب فتركوا وطنهم ورحلوا...
تعال يسوع، فنحن سنصنع لك شعانين جديدة، ونحمل اغصان السلام، اغصان النخيل والزيتون، وسنفرش ثيابنا على دربك ونهتف: هوشعنا بابن داوود مبارك الاتي، فلا تتأخّر.